جيش قمبيز المختفي (أحداث من التاريخ)

إعداد: أحمد عبد الرحيم عبد المعز

-تمكن الملك الفارسي كورش الإخميني من السيطرة علي حكم بلاد فارس في العام 546قبل الميلاد ،وكان حلمه إقامة إمبراطورية تشمل كل المنطقة ،وقد قام بالفعل بإسقاط الممالك المجاورة ومنها الإمبراطورية البابلية وسيطر علي بلاد الرافدين وساعد يهود السبي هناك على العودة إلى أورشليم ،ولكنه مات قبل السيطرة علي المملكة المصرية وتولى بعده الحكم ابنه قمبيز الثاني وكان أن استمر في سياسة والده بالتوسع فتوجه نحو المملكة المصرية بعد أن أخمد اضطرابات قامت ضده في فارس .
– يذكر الدكتور سليم حسن في موسوعة مصر القديمة نقلًا عن المؤرخ الإغريقي “بوليانوس” أن قمبيز قد توجه لغزو مصر -التي كانت تعيش فترة اضطرابات وعدم استقرار – و قد قطع الصحراء الشرقية بمساعدة منشقين عن المملكة المصرية وكذلك بعض اليهود الذين انضموا لجيشه ووصل إلى منطقة الفارما شمال الدلتا وقد لجأ إلى نوع من الحيلة لشل مقاومة المصريين في الحصار، حيث أمر بأن تُجمع القطط والكلاب وبعض الحيوانات التي يقدسها المصريون وسيقت في مقدمة الجيش الفارسي فخشي بذلك المصريون من استخدام السلاح ضد ما يمثل آلهتهم.

وهكذا هُزِم المصريين أمام الجيش الفارسي وبعدها دخل الفرس العاصمة المصرية منف وأحضر قمبيز الملك بسماتيك الثالث مقيدًا في السلاسل كآخر ملك مصري.
ينسب “هيرودوت” إلى قمبيز القيام بالأعمال الوحشية في مصر فور الإستيلاء عليها ومنها إخراج جثة الملك أحمس الثالث المحنطة وحرقها وهدم المعابد وإهانة الكهنة المصريين ،وبدأ الحكم الفارسي لمصر بتأسيس الأسرة السابعة والعشرين في تاريخ الدولة المصرية (525-405)قبل الميلاد .

– توجهت بقايا صفوف الجيش المصري إلى أقصى الجنوب حيث كان الحاكم المصري النوبي “آمون لبتي” في استقبالهم وهناك دعمهم بجيش من النوبة وأسلحة وعتاد وحدثت مواجهة ثالثة بين الفرس الزاحفين والجيش المصري انهزم على إثرها الفرس هزيمة كبيرة وتراجعوا إلى شمال البلاد فارين ،وهناك كان المصريون يحتفلون بهزيمة الفرس في الجنوب فقام بارتكاب مذبحة دموية في المحتفلين.

– منح الفوز المؤقت فرصة للمصريين لالتقاط الأنفاس وقوى الروح المعنوية لديهم .

– وهناك في الواحات الداخلة قُرب معبد آمون في الصحراء الغربية اجتمع قادة عسكريين مصريين من الدلتا سرًا لتنظيم المقاومة والتخطيط للهجوم علي الفرس وطردهم من مصر ومن ضمن الموجودين ،كان هناك قائد شاب قوي وذكي جداً يدعي “بادي باست الثالث” من النبلاء وكان مرشحاً بقوة لاعتلاء عرش مصر ،وكان هو قائد المقاومة علي ما يبدو.

وضع الأمراء المصريين خطة محكمة تعتمد علي استدراج جيش الفرس إلى قلب الصحراء ، بدأت حينما قام أحد كهنة معبد آمون فى الواحات بإرسال رسالة فيها نبوءه تقول أن جيش قمبيز سيتم إبادته بالكامل و بالفعل إبتلع قمبيز الطعم و قاد جيشاً كاملاً (تختلف التقديرات في عدده فقد ذكر البعض أنه كان خمسين أو مائة أو مائتي ألف جندي ) إلى الواحات ،وهنا يحدث أحد أكثر ألغاز التاريخ غموضا ….

-اختفى تماماً جيش قمبيز …

هناك أكثر من نظرية لتفسير هذا ،بالنسبة لهيرودوت( أبو التاريخ)- كما يُسمى – أبو التاريخ “هيرودوت” فقد أكد أن الرياح التي كانت تضرب الصحراء في تلك الفترة كانت قادرة على دفن جيش بالكامل تحت ثقل الرمال.

– هناك نظرية تبناها عالم المصريات الهولندى “أولاف كابر” فقد أعلن عام 2015 عن اكتشاف أثرى فى منطقة الواحات الداخلة يرجِح أن الجيش الفارسى المختفى فى الصحراء الغربية بسبب عاصفة رملية شديدة، مؤكدًا أن الجيش لقي هزيمة هناك على يد قائد مصري أصبح لاحقًا الفرعون بادي باست الثالث فى عام 524 قبل الميلاد.

– أما الدكتور على بركات العالم الجيولوجى المشهور فهو يؤكد أنه عثر على آثار جيش قمبيز وهى عبارة عن عظام وأسنان من النحاس وعدد قليل من أسلحة وحراب الجيش وكانت من المعدن.
-المؤكد أن قمبيز نفسه هرب بحامية صغيرة وترك جيشه يواجه مصيرا مجهولاً .

– في الفترة الأخيرة الكثير من البعثات ذهبت إلى المنطقة للبحث عن آثار جيش قمبيز ولكن أغلبها فشل في العثور على اثار هامة بسبب طبيعة المنطقة الرملية الخطيرة وصعوبة التنقل فيها .
-ويبقي اختفاء جيش قمبيز لغزاً تاريخياً إلى الآن .