د. هانى فتحى : دور الجدارات الإدارية فى التطوير المؤسسى

(دور الجدارات الإدارية فى التطوير المؤسسى)

تشهد إدارة الموارد البشرية فى المؤسسات الكثير من التطورات والتغيرات فى ظل التغيرات والتحولات التى تشهدها بيئة عمل المؤسسات العامة والخاصة على السواء، وذلك بالبحث عن أفضل وأنسب الوسائل والمداخل لإدارة المورد البشرى، باعتباره أهم وأثمن مورد لدى أيه مؤسسة ,ومن المفاهيم الحديثة التى دخلت فى قاموس إدارة الموارد البشرية وتم الاستعانة بها مؤخراً فى المؤسسات هو مفهوم الجدارات الذى أصبح الأساس الذى تقوم عليه أنشطة إدارة الموارد البشرية المختلفة , لقد أصبحت الجدارات البشرية من أهم العوامل التى تخلق الأبتكار والقيمة للمؤسسات , فالجدارات لديها القدرة على ضخ التوجه الاستراتيجي في سلوك الموظفين اليومي فهناك حاجة ماسة لتنفيذ استراتيجيات أعمال جديدة بسرعة وفعالية. وبالتالي يمكن استخدام الجدارات كأداة اتصال قوية لترجمة الرؤية إلى مصطلحات سلوكية يمكن للأفراد فهمها وتنفيذها. وبالتالي ، يمكن للمؤسسات استخدام الجدارات البشرية لتحفيز التطوير التنظيمي للمؤسسة , حيث إن التطوير القائم على الجدارات البشرية يؤدى إلى تحسين أداء وانتاجية العاملين بالمؤسسة.
وقد حظى مفهوم الجدارات البشرية بقبول واسع من جانب كثير من المؤسسات لما له من مزايا عديدة تساعدها على تنفيذ استراتيجياتها وأهدافها، لذلك قامت كثير من المؤسسات بالانتقال من الأسلوب التقليدى لإدارة مواردها البشرية المرتكز على الوظيفة إلى أسلوب إدارة الموارد البشرية المرتكز على الجدارات من أجل تمكين هذه المؤسسات من تحقيق أهدافها خاصة فى ظل التغيرات والتحديات التى تواجهها، ويسعى مفهوم الجدارات البشرية إلى التأكيد على التنمية المستدامة لمجموعة المهارات والمعارف والقيم المهنية التى تتلاءم مع مهمة ورسالة المؤسسة واستراتيجيتها، فيركز مفهوم الجدارة على أهم المهارات والمعارف والقيم المهنية والتى بتوافرها فى العنصر البشرى تضمن له الأداء المتميز بما ينعكس على أداء المؤسسة وتحقيق أهدافها
فالجدارات الإدارية هى تلك الجدارات التى ترتبط بالأدوار والوظائف الإدارية مثل جدارات التخطيط , التنظيم , الاتصالات , تحقيق الانضباط الوظيفى , اتخاذ القرارات الإدارية فى كافة الأنشطة الوظيفية والإدارية , كما انها أبعاد السلوك الواقعة وراء الأداء المتميز، وأنها مجموع المهارات والمعارف والسلوك التى تؤدى إلى الأداء الفعَّال فى الوظيفة وبالتالى تعتبر ضرورية لنجاح المؤسسة وأيضاً لنجاح الموظف أو العامل , كما يشير مفهوم الجدارات إلى مجموعة المهارات والمعارف والقيم التى تحتاجها الموارد البشرية لأداء وظائفها بكفاءة وفاعلية، والعمل على وضع إطار للجدارة للمنظمة يحتوى على مجموعة المهارات والمعارف والقيم التى تحتاجها المنظمة فى مواردها البشرية لتحقيق أهدافها، واستخدام هذا الإطار كأساس لعمليات الاستقطاب والاختيار والتدريب والتنمية ومكافأة العاملين بالمنظمة، إلى غير ذلك من أنشطة إدارة الموارد البشرية بالمنظمة
أنواع الجدارات :-
إن أبرزها يتمثل فى التصنيف وفق ثلاث مستويات، وهي المستوى الفردي ويوافق الجدارات الفردية والمستوى الجماعي ويوافق الجدارات الجماعية، والمستوى التنظيمي ويوافق الجدارات التنظيمية أو ما يسميه البعض بالجدارات الاساسية أو الاستراتيجية .
1) الجدارات الفردية:- يقصد بالجدارة الفردية أخذ المبادرة وتأكيد مسؤولية الفرد تجاه المشاكل والأحداث التي تواجهه فى الظروف المهنية ، فهي القدرة على تعبئة المعرفة اللازمة لمواجهة الحالات المختلفة , وهناك من يرى على أنها “مجموعة أبعاد الأداء ، تتضمن المعرفة الفردية، المهارات، السلوكيات، والقدرات التنظيمية المرتبطة ببعضها البعض من أجل الحصول على أداء عالي وتزويد المنظمة بميزة تنافسية مدعمة”،كما تسمى الجدارة الفردية أيضاً الجدارة المهنية , فمهما كان مستوى الأفراد في الهيكل التنظيمي للمنظمة ، فإن المناصب التي يشغلونها تتطلب جدارة معينة لأداء مهامهم بصورة تتحقق معها أهداف المنظمة، وفيما يلي عرض الجدارات التي ينبغي توفرها في الأفراد.
– المثابرة والقدرة على العمل والتأقلم مع الظروف المتغيرة والصعبة.
– قدرة التعلم والتحكم السريع في التقنيات العملية والتجارية.
– القدرة على اتخاذ القرار، وإدارة، وقيادة المرؤوسين بطريقة فعالة.
– توظيف الجدارات، وإرساء العلاقات الجيدة بينهم.
– ايجاد جو ملائم لتطوير المرؤوسين ، ومواجهة المشاكل مع قدرة الخروج من الظروف الصعبة.
2) الجدارات الجماعية:- تعتبر الجدارات الجماعية أحد مجالات الاهتمام المتزايد للمنظمات فهي تنشأ من خلال تعاون وترابط الجدارات الفردية، ويمكن تحديد وجود هذه الجدارات من خلال مؤشرات الاتصال الفعال الذي يسمح بوجود لغة مشتركة بين جماعة العمل ، وتوفير المعلومات الملائمة بينهم، وكذا التعاوف بين أعضاء الجماعة بهدف انتقال الجدارات ومعالجة الصراعات, فالجدارات الجماعية هي من طبيعة تنسيقية ولا تتكون فقط من مجموع الجدارات الفردية بل ترتكز على الديناميكية والتفاعل بين المجموعة.
3) الجدارات الإستراتيجية “التنظيمية”:- إن مفهوم الجدارات يعتبر من الاشكاليات المتعلقة بإدارة الموارد البشرية، إذ يجب تحديد الجدارات والقدرات التي يتمتع بها العاملون ومقارنتها مع تلك التي يتطلبها تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمنظمة، فالجدارات لا تعد ذات طابع استراتيجي ما لم تساهم في تكيف المنظمة مع بيئتها التنافسية، حيث توجد مقاربة تنظر إلى المنظمة من خلال درجة الاعتمادية فيما بينها ومحيطها، فالمنظمة تحاول التأثير على محيطها ، ونجاحها في ذلك يكون مشروطاً بقدرتها على استغلال وتنمية الموارد الداخلية الأصيلة.
أهمية الجدارات على مستوى المؤسسة:-
اصبحت عملية تطوير الجدارات من الأولويات التى تقوم عليها الرؤية الاستراتيجية للمؤسسة كونها تمثل أحد أهم الموارد الاساسية والاستراتيجية للمؤسسة , اذ اصبحت تحتل حيزا هاما من اهتمام المؤسسات الراغبة فى تحقيق مستوى اعلى من النجاح فى الاداء الكلى , وتبرز اهمية الجدارات على مستوى المؤسسة فيما يلى :-
– تعتبر الجدارات عنصر اساسي فى استراتيجية المؤسسة , حيث تنعكس هذة الاهمية فى دعمها للميزة التنافسية.
– اصبحت المؤسسات تعتمد على المعرفة عموما والجدارة خصوصا , حيث تعتبر المنفذ الرئيسى للمؤسسات من أجل مواجهتها للتحديات الجديدة التى أوجدتها ظروف العولمة والتطورات التقنية , والشئ الذى دفع بالمؤسسة لذلك قناعتها بأن رأس مالها الحقيقى ومصدرها الاساسي فى خلق القيمة يتمثل فى جداراتها.
– اصبح الاستثمار فى الموارد البشرية للمؤسسة خاصة فى مجال الجدارات يُدر عوائد عديدة سواء عوائد ملموسة (ارباح – انتاجية جيدة ) أو عوائد غير ملموسة (رضا العملاء – ضمان الولاء).
– يتوفر لدى الافراد العاملين مجموعة من الموارد الشخصية (كالمعارف والمهارات والسمات) ولكن جهل هؤلاء وعدم درايتهم وادراكهم بكيفية التوفيق وتحريك هذة الموارد لن يعود على المؤسسة بأى فائدة لذلك من الضرورى ان تقوم المؤسسة بوضع عامل الجدارة ضمن أولوياتها بإعتباره السبيل الوحيد أمامها لاستغلال موارد افرادها.
يتم تصميم خطة تتضمن مجموعة من الآليات وذلك بهدف غلق فجوات خريطة الجدارات كما يلى:-
1- تصميم خطة تطوير وتنمية الجدارات:-
– تشخيص وتحليل الأوضاع الداخلية والخارجية ذات العلاقة بهيكل القوى العاملة – الموارد البشرية بالمؤسسة ( تحديد المسارات الوظيفية المطلوب تطوير أهدافها)
– تحديد الأهداف المطلوب تحقيقها من تطوير وتنمية الجدارات
– تحديد السياسات / الإستراتيجيات الموجهة لتنمية الجدارات
– تحديد إجراءات وخطوات تصميم مخزون الجدارات المطلوبة .
– تصميم دليل مقترح لمصفوفة الجدارات المطلوبة للوظائف المطلوب تطوير جداراتها عن طريق :-
أ- تحديد الأنشطة الأساسية التى يجب أن يقوم بها الفرد
ب- تجديد الجدارات الرئيسية المطلوب توافرها فى شاغلى الوظيفة حتى يتمكن من القيام بالأنشطة (الإدارية – السلوكية – الفنية)
جـ- تحديد الجدارات الفرعية.
– تحديد متطلبات أو معايير الجدارات الخاصة بالوظائف المطلوب تطوير جداراتها عن طريق :-
أ- تحديد مستويات أو فئات كل جدارة من الجدارات الفرعية السابق تحديدها وتوضيح كل مستوى بعلامات أو أرقام أو حروف أو أسماء محددة مثل جيد/متوسط/مقبول
ب- تحديد المعايير المرجعية لكل مستوى فئة (مبتدئ – ماهر – مستوى الخبير )
– التحقق من صلاحية دليل نموذج الجدارات أى قدرة الدليل على التنبؤ بقدرة العاملين على تحقيق أداء أفضل فى المستقبل فى إطار تلك الجدارات.
2- تحديد آليات تنفيذ خطة تطوير الجدارات:-
– من الذى يتولى تنفيذ الخطة التنظيمية؟
– كيف يتم التنفيذ ؟ (آليات التنفيذ)
– كيف يتم الرقابة (نظام الرقابة)
3- تنفيذ الخطة من خلال آليات التنفيذ (قيادة وتوجيه القائمين على التنفيذ وتحفيزهم وتحقيق التواصل معهم)
وفى النهاية يوضح الشكل التالى خطوات بناء وتطوير الجدارات السابق الإشارة إليها:-


ومما سبق يتضج ما يلى :-
1- إن الجدارات الإدارية للوظائف القيادية والإدارية أحد المقومات الأساسية لضمان فاعلية التطوير التنظيمى للمؤسسات.
2- تعتبر الجدارات عنصر اساسي فى استراتيجية المؤسسة , حيث تنعكس هذة الاهمية فى دعمها للميزة التنافسية
3- تعتبر الجدارات الإدارية مفيدة للقادة والمشرفين والعاملين فى المستويات الإدارية المختلفة فهى تيسر عملية التطوير وتساعد فى الحفاظ على موارد المؤسسة وتحسين جودة الخدمة وزيادة المشاركة فى اتخاذ القرارات.
4- اصبحت إدارة الموارد البشرية تركز فى إدارتها على الجدارة وليس على الفرد أو المنصب وهذا بسبب التحديات العالمية التى تشهدها المؤسسات حيث تكمن أهمية الجدارات الإدارية على مستوى إدارة الموارد البشرية فى عمليات الاستقطاب والاختيار والتعيين والمسار الوظيفى والتدريب وتقييم الأداء.
5- يسمح تطبيق مدخل الجدارات بالاحتفاظ بالموارد البشرية المتميزة، وبجذب العناصر البشرية المؤهلة، وذلك من خلال ما تقدمه المنظمة من مزايا مختلفة لصاحب المهارات والمعارف والقيم المهنية.
6- إدارة الموارد البشرية المبنية على الجدارة تركز وتعتمد على مجموعة المهارات والمعارف والقيم المهنية اللازمة لتأدية الوظائف بداخل المؤسسة بنجاح.

اعداد : د.هانى فتحى عبد اللاه
مدرس التسويق وإدارة الأعمال
بمعهد الجيزة العالى للهندسة والعلوم الإدارية